خمسة
وستون عاما من النجاح
في الرابع عشر من تموز
1995 يكون قد مضى على تأسيس البنك العربي خمسة وستون عاما. وأقل
ما يمكن قوله في هذه الذكرى أن البنك تمكن من النمو والازدهار.
هذه الكلمات البسيطة هي ترجمة للعمل الجاد والدؤوب الذي بذله أبناء
هذه المؤسسة منذ البداية. فقد عاش البنك العربي تاريخ فلسطين الحديث
المضطرب كله منذ بداية الانتداب وحتى أوسلو وعانى صعاب كافة الحروب
على الأمة العربي وعمل في وسط الأزمات الأهلية بدءاً بالعدوان
الثلاثي على مصر في العام 1956 وحتى الحرب الأخيرة في اليمن عام
1994 مروراً بمعاناة لبنان والكويت والعراق.
ولم ينج البنك العربي
من آثار الاضطرابات العالمية وتعرّض لصعوبات انتشار الاشتراكية
والتأميم في حينها. وقد عملت فروع البنك وسط الجبهة وتحت النار
في القدس وبيروت وعدن، وكلما أغلق للبنك فرع لاحتلال أو تأميم
أنشأ البنك غيره قريبا منه أو في مكان آخر.
إن إصرار البنك العربي
على العمل مهما صعب الدرب لم يأت من فراغ ولم يكن بلا نتيجة. فغالبية
عملاء البنك والعاملون فيه سواء في البلاد العربية أو الأجنبية
هم أبناء المجتمعات التي يعمل فيها، وقد قامت رسالة البنك على
خدمة هذه المجتمعات وتنميتها. فكان لزاما على البنك أن يرفض البدائل
السهلة التي اختارها الآخرون وأن يثبت عند تغيّر الظروف دون اعتبار
للثمن. وكانت النتيجة ارتباطاً متيناَ بين البنك وعملائه حيث أوفى
بالتزاماته نحوهم في أصعب الأوقات وبقي إلى جانبهم ملبيا لاحتياجاتهم
فوثقوا فيه ودعموه في نجاحه.
وقد يكون البنك العربي
من أقدم البنوك العاملة في البلاد العربية غير أنه وبالتأكيد من
أكثرها تجديداً وتجدّداً. وتتجسد معالم حداثة البنك في مقدرة إدارته
على زيادة كفاءتها وفعاليتها باستمرار معتمدة في ذلك على التقنية
الحديثة والإدراك العميق للمتغيرات التي تحكم العمل المصرفي. ومن
أهم المؤثرات التي توجه جهود البنك للتجديد هي ديناميكية عملائه
أنفسهم. حيث وفّرت الطفرة النفطية لرجال الأعمال العرب إمكانية
العمل والاتصال المباشر بالأسواق العالمية وزادت من مقدرتهم على
التعامل مع المنتجات والخدمات الأكثر تعقيدا. فكان لزاما على البنك
العربي أن يصبح في طليعة البنوك التي توفر هذه الخدمات المتقدمة
في قلب المجتمعات العربية. ولم تتوقف جهوده عند هذا الحد بل عمل
على تطوير الخدمات الجديدة وإعطائها صبغة تتناسب مع الأنظمة والقوانين
والعادات المحلية، وبسّط بعضها لسهولة الاستخدام ورفض البعض الآخر
لعدم صلاحيتها.
ومن مميزات البنك العربي
الأساسية تواجده المكثف في الوطن العربي وانتشاره الشامل في المراكز
المالية العالمية. ويعبر
التوزيع الجغرافي لأهم عناصر مجموعة البنك العربي المالية بنهاية
العام 1994 عن هذه الحقائق بوضوح حيث حظيت فروع ومؤسسات مجموعة
البنك العاملة في أوروبا بحصة الأسد من الأهمية النسبية لعناصر
الموجودات (38,4%) ومحفظة القروض والتست المصرفية (22,5%)
والودائع (39,5%) والإيرادات (34,3%) وتأتي البلاد العربية (بدون
الأردن) في المرتبة الثانية حيث حظيت ب 27,3% من مجموع الموجودات
و 37,3% من محفظة القروض والتسهيلات المصرفية و 20,9% من الودائع
و 21,8% من الإيرادات. أما منطقة الشرق الأقصى واستراليا فتتقدم
على أمريكا الشمالية بالمرتبة الرابعة في كل من حجم الموجودات
(8,2%) والودائع (6,8%).
والآن وبعد خمسة وستين
عاما من العمل، أصبح البنك صرحا قويا حيث تجاوز حجم ميزانية المجموعة
في العام 1994 العشرين بليون دولار أمريكي واقتربت حقوق المساهمين
من ألف ومئتي مليون دولار والأرباح السنوية من 150 مليون دولار.
غير أن هذه الأرقام تنطق بحقائق أبعد من معناها. إن النتائج التي
حققها البنك تشير بوضوح إلى تغيير نوعي في قدرته على النجاح والى
عمق قوته المالية مما يعني أن هذه المؤسسة قد أصبحت مهيئة للقيام
بدور رئيسي في العمل المصرفي محليا وعالميا.
خالد شومان
نائب رئيس مجلس الإدارة
