ثلاثة اتجاهات اجتمعت في قاعات دارة الفنون الثلاث للتعبير عن شخصية رجل واحد، مصطحبة المرء في رحله تمر بمحطات من المشاعر المختلفة والجوانب العميقة لشخصية هذا الإنسان. فمن الخشوع أمام العمل التشكيلي المركَّب للسيدة سهى شومان إلى الاحترام الذي تفرضه شخصية خالد شومان كرجل أعمال ومصرفي، يقع المتفرج بين طرفي مشاعر حزنه الشخصي والغبطة لدى مشاهدته للتَذْكِرات السعيدة وكلمات الحكمة لرجـل ترك أعمق الأثر في حياة هؤلاء الذين عرفوه . لقد جاءت فكرة التصميم الأساسية مانحةً لكل قاعة من القاعات الثلاث في المبنى الرئيس في دارة الفنون دوراً خاصاً ومتميزاً، فخُصِّصت القاعة الوسطى لعرض صور فوتوغرافية خاصة لخالد شومان مع عائلته وأصدقائه، صور الإنسان والأب والزوج والصديق والرجل المتزن الذي يبتسم بحرارة وإنسانية، وفيها نراه يشع دفئاً وثقة بالنفس وسط ثلة من الأصدقاء أو المسؤولين، أو يحمل ابنته عائشة على ظهره، أو ابنه عمر على أكتافه، أو يقود طائرة؛ كما نراه في صور أخرى معايشا بشغف وسعادة هوايته المفضلة (صيد السمك)، وعند الحائط المقابل صورة مكبرة للرجل في واحدة من آخر رحلات صيده البحرية، على خلفية لبحر واسع متباعد الأطراف تغمره أمواج وأفق داكن، يرمز إلى فضاء أوسع وأبعد وبحار.

 
         
       
 

ومن هناك، نحس بروحة تطلُّ عيناً ساهـرةً على أولئك الذين أحبهم.

أما القاعة الثانية فتبرز إنجازات خالد شومان المصرفي في مؤسسة البنك العربي تلك المؤسسة المالية المصرفية العملاقة التي أسسها والده عبد الحميد شومان في فلسطين عام 1931، حيث خصصت مساحة تعريـف كبيرة للرجل الذي أدار البنك العربي، بصفته نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، والذي قاد البنك نحو تقدمه وتحديثه ونجاحه المستمر.

وتبرز في هذه القاعة لغة تصميم مؤسسية تضم تسع لوحات معلوماتٍ زجاجية تركز على دور خالد شومان الرائد في البنك العربي وإنجازاته في إدخال المكننة والتطوير والتحديث والتخطيط المالي والاستراتيجي وعلاقته مع الموظفين. بينما كُتبت العناوين، على لوحات متدلية من السقف، بخط مدخّن، مانحة المكان بُعداً طوبوغرافياً متميزاً. ولا يلبث هذا الإيقاع المتتالي أن يتداخل مع تكوين خشبي أنيق تتوسطه شاشة حاسوب أُفرد للموقع الإلكتروني لخالد شومان وقد أشرع للزوار مساحة للتجول فيه؛ في حين استخدمت الجدران لتقديم مقتطفات من كلمات خالد شومان تضيء جوانب أساسية من رؤيته المستقبلية للتطوير المستمر.

وقد اتسمت هذه القاعة بمناخ عملي جاد عبر إدخال عناصر تقـنية حديثة في تكوين هذا الفضاء، ولكنها كانت أيضاً، مشحونة بصفات إنسانية تغلبها القيادية وبعد النظر والاهتمام بالزملاء في العمل والدفء الذي لا ينفك يطغى على الانطباع العام عن هذا الرجل.