عبد الحميد شومان، والد خالد
 
 
 

ولد خالد شومان لعائلة رائدة في فلسطين، فحمل تراثها طوال حياته بالتزام وتفان. فوالده عبد الحميد شومان - الذي كان ابناَ لتاجر ماشية في بيت حنينا قرب القدس - غيَّر قدره بإرادته ليصبح رمزا للنجاح على مستوى العالم العربي. فحياته قصة أسطورية لشاب في مقتبل العمر تغلب على مصاعب الهجرة إلى "أرض الفرص الواعدة" في فجر القرن العشرين، ونجح في أن يصبح من رجال الأعمال الناجحين في الولايات المتحدة، ولكنه أصر على أن يعود بعد عشرين عاما لكي يخدم وطنه وشعبه من خلال حلم ورؤية. ورغم القلاقل والأحداث المصيرية التي توالت في المنطقة، فقد كانت لديه الشجاعة لأن يحول حلمه إلى واقع، وأن يبني حين تردد الآخرون وتراجعوا: فأنشأ البنك العربي في فلسطين، ثاني مؤسسة مصرفية من بعد بنك مصر، يملكها ويديرها العرب، متقبِّلاَ ما يعنيه ذلك من تحديات في بلد تسيطر عليه سلطات الانتداب البريطاني سياسياَ واقتصاديا َ.

وبعد عام على هذا الحدث، وفي أكتوبر 1931 ولد خالد شومان في بروكلين بنيويورك، حيث كان والده يشرف على أعماله هناك، بينما كان جده لوالدته يرعى البنك في فلسطين، وكانت والدته سنية هي التي أسمته خالداَ، وهي سيدة رقيقة ومتعلمة، تلقت تدريباَ في دار المعلمات وتطوعت للعمل في دار الأيتام بالقدس، فكان ذلك استثناء في تلك الأيام حيث كانت المرأة محددة الإقامة بالمنـزل.

 
   
خالد مع والدته
 

كان جد خالد شومان - أحمد حلمي عبد الباقي - ابنا لضابط في الجيش العثماني، وكان رجلاَ له مكانة في وطنه: فلقد كان شاعراَ ووطنياَ فلسطينياَ، وفي عام 1919 شارك في حكومة الأمير فيصل في سوريا مديراَ عاماَ لوزارة المالية، كما اختير مستشاراَ للمالية عام 1922 في حكومة الأمير عبد الله في شرق الأردن. وفي عام 1937 نفته سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين إلى جزيرة سيشيل مع عدد من زعماء فلسطين الوطنيين.

وهكذا جمع الإيمان بالآمال الوطنية لشعب فلسطين والشعوب العربية وبكفاحها المشروع من أجل استقلالها السياسي والاقتصادي بين والد خالد شومان وجده، فكرّس كلاهما حياته من أجل المشاركة في معركة البناء الوطني. فأسس عبد الحميد شومان بنكاَ عربياَ لتشجيع رؤوس الأموال العربية على استرداد ثرواتها الوطنية من قبضة الاستعمار السياسي والاقتصادي، وسرعان ما تطور البنك إلى إمبراطورية مالية تغطي خريطة العالم وتمتد عبر قاراته من استراليا إلى نيويورك، ومن الأردن إلى المغرب. ومن جانب آخر جاهد أحمد حلمي لتحرير فلسطين، وقاتل دفاعاَ عن مدينة القدس خلال حرب 1948، ثم أصبح رئيساَ لحكومة عموم فلسطين، و مثل بلاده في جامعة الدول العربية حتى توفي في عام 1963، ولكنه رحل قبل أن يتحقق حلمه، تاركا فلسطين مشروعا وطنيا عظيما في طور الإنجاز.

 
أحمد حلمي عبد الباقي، جد خالد
   

وتقديرا لخدماتهما الجليلة لوطنهما فلقد شُرِّف كل من والد خالد شومان وجده بأعظم ما يمكن أن يحظى به مؤمن، فلقد أمر جلالة الملك الحسين ملك الأردن بأن يُدفنا في باحة الحرم الشريف في القدس، تلك البقعة الإسلامية المقدسة، حيث يرقد هناك بعض من أولئك الذين قضوا في خدمة الله والوطن، بجوار الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى، وعبد القادر الحسيني البطل الفلسطيني الذي إستشهد مجاهداً في سبيل وطنه.

 
الحرم الشريف في القدس